من فوائد الضّحك والبكاء
من فوائد الضّحك والبكاء
بقلم: حنيفة بنت شفيق
معلّمة اللّغة العربيّة في جاكرتا
وطالبة سلسة اللّسان في مركز منارات
إن للضّحك فوائد عديدة؛ اجتماعيّة وصحيّة، حيث إنّه الوسيلة الأكثر جدوى في مواجهة الحياة المتسارعة والمتغيّرة، وفي مواجهة المواقف المحزنة أو المحرجة أحيانا، والضّحك له دور في مساعدة الإنسان في إخراج ما لديه من الشّحنات النّفسيّة والطّاقات الدّاخليّة.
يختلف النّاس في قدرتهم على الضّحك، فنجد أناسا وجوههم عابسة بطبيعته، لا يضحك ولا يبتسم حتّى في أكثر المواقف إضحاكا، ونرى أناسا آخرين ابتسامتهم لا تفارق شفاههم وما كانوا ليبخلوا بضحكتهم.
وإنّ المجتمع لتتقوّى روابطهم ببشاشة وجوه أفراده، لأنّ البشاشة لا تشيع إلّا الاطمئنان ولأنّ الإنسان إذا كان بشوشا فإنّه يجذب الآخرين إليه ويرتاحون له.
البكاء نعمة من نعم الله على عباده، ينفّسون به عمّا يعتريه من ضغوط الحياة وصعوباتها.
فكما أنّ النّاس يختلفون في قدرتهم على الضّحك، فهم مختلفون كذلك في البكاء، فمنهم من يملك أعصابه ودموعه فلا يبكي أبدا، لكن هذا الأمر فيه شيء من السّلبيّات، حيث إنّ الإنسان في ساعات الغضب أو الخوف أو الحزن تتجمّع فيه السّموم، ولا يردّ أذى هذه السّموم عنه مثل الدّموع الّتي تسيل من عينيه. والبعض الآخر تدمع عينه وتتحرّك مشاعره بأبسط الأشياء، وانهمار الدّمع على خديه كالثّلج البارد على قلبه. وتؤدّي الدّموع للإنسان منافع شتّى، فهي تطهّر مشاعرنا، وتغسل قلوبنا، وتجدّد الأمل في نفوسنا.
إن محلّ الضّحك والبكاء واحد، وهو في الوجه، وتقابل الوجه لهما يوحي بأنّ الإنسان ينبغي عليه ألّا ينساق مع أحدهما أكثر من الّلازم، فلا يجدر للإنسان دائما يضحك ويفرح ويمرح، غافلا لاهيا عن خالقه. ولا يكون في كلّ وقته دمعه على خدّه، مقطب الوجه، منقبض النّفس، ولربّما قاده ذلك إلى اليأس من رحمة الله.
وديننا الإسلام لا يمنع الضّحك المعقول المحدود، ولا يؤيّد الحزن والتّقطيب بالوجه، وإنما إذا دعت إليه الحاجة واقتضت الأمور. وهكذا يعيش المؤمن الحياة بكلّ أشكالها وأطيافها على نور من ربّه وهدي نبيّه صلّى الله عليه وسلّم.